رحلتي كأم مع الشعور بالذنب.. لا ادري كيف اسامح نفسي..
تمر السنون ورفيقي الدائم الشعور بالذنب.. حين كنت اغضب على اطفالي كنت بعد ذلك اشعر بذنب عظيم .. وحين كان يمرض اطفالي وأضطر الى إعطائهم المضادات الحيوية كنت اشعر بذنب أعظم .. لماذا؟ لأن خوفي الزائد هو الذي كان يجعلني أسارع لأخذهم الى الطبيب والنتيجة اني كنت أعود محملة بالأدوية التي كنت اعطيها لاطفالي فأشعر بالذنب لأنني ربما أخطأت بالمسارعة الى اخذهم الى الطبيب والمسارعة بإعطائهم الادوية.. وعندما كان يعود احد اطفالي حزيناً بسبب مشكلة او تنمر وقع في المدرسة كنت اشعر بالذنب ظناً مني أني لم اساعده على بناء ثقته بنفسه.. وعندما كان أحدهم يجد صعوبة في إيجاد رفيق كنت أشعر أيضاً بالذنب واقول لنفسي أنا السبب لأنني مشغولة جداً بحيث لا أجد وقتاً لفتح علاقات مع الناس بشكل اوسع..
ما اكثر شعوري بالذنب .. عشت حياتي في ندم على هذا وشعور بالذنب على ذاك علماً أنني من الاشخاص الذين يبذلون جهدهم والذين يقرؤون كل شيء له علاقة بالتربية في سبيل تحسين ادائي كأم..
أما ندمي الاكبر فكان يأتي بعد ثورات الغضب التي كنت أقع في فخها بعد يوم من الضغط النفسي الكبير.
أذكر مرة أني كنت اساعد ابنتي التي تبلغ من العمر سنتين على التخلص من الحفاض..
وقتذاك، مع اني كنت أعلم أن علينا ألا نستعجل في تنظيف الطفل حتى تظهر عليه بوادر الاستعداد للتخلص من الحفاض.. ارتكبت خطأ بحق ابنتي غير الجاهزة بعد. في تلك الفترة فالت لي أخت زوجي:” لماذا لم تبدئي بعد بتنظيفها ومساعدتها على التخلص من الحفاض؟”
اجبتها : “سأبدأ عما قريب”
أذكر وقتذاك اني شعرت بأني أم مهملة لأنني تأخرت بتعويد طفلتي على التخلص من الحفاض..
طاقة الجهل
وقررت البدء، ولكن ابنتي على ما يبدو لم تكن جاهزة بعد ورغم ومعرفتي بكيفية تعويد طفلتي على الوصول الى النظافة، وقعت في فخ غضبي وعدت كأني امرأة جاهلة. ما زلت اذكر كيف غضبت على ابنتي بسبب عدم تجاوبها وما زلت أذكر كيف كانت جالسة في الزاوية خائفة مرتجفة مني.
تخيلوا المنظر.. طفلة لا يصل طولها متراً تقف تحت نظر امرأة اطول منها بضعفين وأكثر جسامة بأضعاف مضاعفة.. أتتخيلون الصورة ؟ طفلة ضعيفة ..وراشدة غاضبة تنقض كالكماشة عليها..
عندما رأيتها خائفة ترتجف كورقة في مهب الريح انهرت من الداخل وحزنت من نفسي لغضبي على طفلة لا حول ولا قوة لها وقررت التوقف عن تنظيفها وانتظار بعض الوقت حتى تجهز..
ربما من بين كل ما شعرت به من ذنب كانت هذه اللحظة هي الاقسى وكان عليّ هنا فعلاً الشعور بالذنب..
لأننا، بدون أن نشعر نحن الكبار، نستقوي على طفل صغير لا حول ولا قوة له….
اذن باختصار انا اشعر بالذنب حين أغضب أو حين يتعرض اولادي لأي مشكلة واشعر بالذنب على اخذهم الى الطبيب و واشعر بالذنب حين افرط في حمايتهم وحين وحين .. .. فمتى عليّ يا ترى الشعور بالذنب ومتى عليّ أن أسامح نفسي؟
على الأم ألا تظلم نفسها كثيراً فالظلم مرفوض حتى ولو على على نفسك وذاتك.. هناك اشياء يجب ان نسامح انفسنا عليها.فما هي ابرز هذه الاشياء التي على الاهل مسامحة انفسهم عليها؟
سامحوا أنفسكم على فقدان أعصابكم
سامحوا أنفسكم على فقدان أعصابكم والصراخ على أطفالكم بسبب الشعور بالغضب والإحباط.
كلنا يشعر بالإحباط وتتملّكنا مشاعر سلبية تجاه أبنائنا في بعض الأحيان. من الطبيعي أن تشعروا بالغضب أو الإحباط أو الخيبة عندما لا يتصرف أبناؤكم كما تتوقعون. وبالطبع، من المستحيل أن يبقى أحد هادئاً طوال الوقت.
تفهّموا أنه من الطبيعي جداً الإحساس بالذنب بعد فقدانكم للسيطرة على أنفسكم. وثقوا أن هناك خيطاً من الأمل. لديكم الآن الفرصة لإظهار كيفية تحمل المسؤولية وحل المشكلات أمام طفلكم.
على سبيل المثال، يمكنكم أن تقتربوا من طفلكم وتعتذروا منه وتتحملوا مسؤولية فقدانكم لأعصابكم. يمكنكم أيضاً إخباره بالطريقة التي تنوون أن تحلوا بها المشكلة في المرة القادمة. يمكنكم القول:
“في المرة القادمة التي أغضب بها، سأحاول الخروج من الغرفة لتهدئة اعصابي”
استغلوا هذه اللحظة لتعلّموا طفلكم كيف يشعر بالندم وكيف يعتذر ويتحمل المسؤولية.
سامحوا أنفسكم على عجزكم
سامحوا أنفسكم عندما تشعرون بأنكم لا تستطيعون تلبية كل ما يحتاجه اطفالكم وعندما تشعرون بأنكم مقصرون في قضاء بعض الوقت معهم .. الحقيقة ان ظروفنا كأهل في هذا الزمن تجعلنا مقصرين في قضاء الوقت مع اطفالنا.. ومع ان هذا الامر خطأ إلا أن علينا ألا نثقل انفسنا بالشعور بالذنب.. اعلموا ان قضاء وقت فاعل معهم لا يتجاوز النصف ساعة قد يكون كافياً.. فكروا في قضاء وقت معهم تبعدون اثناءه كل ما قد يلهيكم عنهم. إن قضاء نصف ساعة وأنت تلعب مع طفلك او وأنت تتحدث معه أمر مساعد جداً.. توقفوا عن الشعور بالذنب وخصصوا لطفلكم نصف ساعة فاعلة من وقتكم.
هذا عن الوقت فماذا عن المال؟
مما لا شك فيه أننا لسنا جميعنا نملك ذات القدرة المادية التي تخولنا تلبية كل ما يحتاجه أطفالنا .. لكل عائلة ميزانيتها وقدراتها الشرائية فلا تشعروا بالذنب إن عجزتم عن تأمين ما يؤمنه معارفكم أو أصحابكم لأطفالهم من امور مادية وتذكروا ان الحياة ليست كلها اشياء مادية.. لا بأس إن لم تستطع شراء دراجة لطفلك لأنك لا تملك المال .. وبدل أن تفكر فقط في ما لا يمتلكه طفلك فكر في ما عليك تعليمه لطفلك من امور حياتية.
من الأهمية بمكان أن تعلموا اطفالكم القيم كالعمل والمثابرة وتوفير المال والإنفاق بحذر وحمد ربنا على ما نملك .. علموا طفلكم أن حصول رفيقه على احدث ايفون لا يعني أن عدم حصوله على تليفون مماثل هو انتقاص لقيمته ..
بدلاً من إنهاك عقولكم بالتفكير في كيفية شراء ذلك الشيء الغالي لطفلكم، لماذا لا تساعدونه على التفكير في بعض الطرق لكسب المال وتوفيره لشرائه بنفسه؟ ربما إذا استطاع اكتساب جزء من المبلغ بمفرده، يمكنكم مكافأة عمله الشاق بإعطائه ما تبقى من المبلغ.
المغزى هو أن تبعدوا تركيزكم عن الماديات وتركزوا على القيم. لا يوجد أطفال مثاليين ولا أهل مثاليين. التربية هي أمر تتعلمونه تدريجياً.
سامحوا انفسكم على وساوسكم وافراطكم في مساعدتهم
الواقع أننا كأهل، بسبب كثرة اهتمامنا بأطفالنا، قد نحرمهم بعض مهارات الحياة.. فنحن ننظف غرفهم فيما هم قادرون على ذلك ونحن نساعدهم في كتابة فروضهم فيما هم قادرون على كتابتها ونحن نطعمهم أحياناً مع أنهم قادرون على الاكل وحدهم.. ونحن نبالغ في إعطائهم الادوية بشكل عشوائي فيما علينا افساح المحال لمناعتهم كي تقوى وتشتد.
ان قيامنا نيابة عنهم ببعض الاشياء التي يستطيعون القيام بها بأنفسهم يحرمهم من المهارات التي يجب أن يكتسبوها.. يكفي أن نعي الخطأ الذي نرتكبه وأن نسامح انفسنا ..
كلّنا نخطئ. كلنا نفعل أشياء نندم عليها. وكلنا أهل غير مثاليين ..وهذه ليست مشكلة.تذكروا ان غداً هو يوم جديد وأن عليكم ان تختاروا مسامحة انفسكم .. فقط تعلموا من أخطائكم وامضوا قدمًا.