تطور دماغ الطفل من 0 إلى 12 شهراً : العوامل التي تقويه أو تضعفه

0

تطور دماغ الطفل: طفلكم لم يمشِ بعد، لكن في دماغه هناك الكثير من الحركة. مع كل تحفيز يتلقاه، تزداد الإتصالات بين الخلايا العصبية في الدماغ قوةً.

لا تتطور جميع مناطق الدماغ بنفس الوتيرة. عند الولادة، يكون بعضها أكثر تطوراً من الآخر. ينطبق الأمر على مناطق الدماغ المخصصة للحواس الخمس. الأمر طبيعي، بما أنها المناطق التي يحتاج إليها الطفل أكثر من غيرها في بداية حياته.

تقول سارة ليبي ، الأستاذة في جامعة مونتريال: “كل تحفيزات الطفل الرضيع تمر عبر الحواس. على سبيل المثال، حين تغنون دائماً وأنتم تغمرونه بين ذراعيكم، ترسل المستقبلات الحسية المعلومات إلى الدماغ. ثم يقوي الدماغ الإتصالات بين الخلايا العصبية. وعندما يتم تحفيز العديد من الحواس في الوقت نفسه، يستقبل الدماغ المعلومة عبر مداخل متعددة”.

الروتين اليومي (تغيير الحفاضات، الشرب، الاستحمام…) كلها فرص لتحفيز كل حواس طفلكم الرضيع وتدريب دماغه.

الأمر نفسه سيحدث عندما تتكلمون معه، أو تغمرونه، أو تهزونه، أو تنظرون إليه في عينيه، أو تصطحبونه في رحلة، وما إلى ذلك. يعتبر التعامل مع طفلكم أمراً أساسياً لصحة دماغه الجيدة.

عند عودته من العمل، كان تشارلز والد ليون البالغ من العمر 6 أشهر يقوم بعادة يومية صغيرة: يضع الألعاب والوسائد على بطانية ويستمتع باللعب ويمرح مع ابنته. يصدر أصواتاً ويقوم بدغدغتها، يدعها تلعب وهي مستلقية على بطنها، ثم يرفعها برفق في الهواء، ويجعلها تلمس مختلف أنواع الأنسجة. تقول إيما والدة ليوني “حين ترى ليوني والدها قادماً، تظهر سعادة كبيرة. تبتسم، تحرك ذراعيها وقدميها، وتصدر أصواتاً… إنها تعرف ما سيحدث عند قدومه!”.

التطور في جميع مناطق الدماغ

تساعد البيئة المليئة بالحب والتحفيز التي يعيش فيها الطفل على جعله يشعر بالثقة، وعلى النمو جيداً، وعلى تطوير قدراته الفكرية وتعلمه.

من خلال ملاحظة تقدم طفلكم في مختلف المجالات تدركون أن دماغه ينمو ويتطور بشكل جيد.

تعطي ميريام بوشامب مديرة مختبر علم النفس العصبي التنموي في جامعة مونتريال مثالاً ذاكرةً أن “الابتسامات الأولى تظهر عندما يبلغ الطفل حوالي شهرين. كما يمكن للطفل في هذا العمر أيضاً أن يقلد بعض تصرفات والديه، مثل مد لسانه. وعندما يبلغ الطفل حوالي 3 أشهر، يمكن أن ينظر إلى والديه في عينيهما”. عندما يبلغ ما بين 4 أشهر إلى 7 أشهر، يدرك أن الشيء يبقى موجوداً حتى عندما يبتعد عن نظره.

إنها أيضاً الفترة التي بتعرف خلالها الطفل على الأصوات. في عمر 6 أشهر تصدر ليوني الصغيرة الكثير من الأصوات. تقول إيما والدة ليوني “منذ بضع أيام، بدأت ليوني تصدر أصواتاً أكثر حدة وتنوعاً أيضاً. كما أنها تصدر أصواتاً غريبة بفمها، كما لو أنها تحاول أن تتكلم.” اختبار الأصوات هذا يساهم في تطوير اللغة والكلام.

تطور دماغ الطفل
premium freepik

كما يتحسن التنسيق بين اليد والعين لدى الفتاة الصغيرة كثيراً في الآونة الأخيرة. تقول إيما: “تنظر صغيرتي إلى أزرار أو شعيرات الألعاب، كما أنها أصبحت قادرة الآن على لمسها”. هذا يعني أن دماغ ليوني يسمح لها الآن بإجراء حركات أكثر دقة، لأنه يستخدم المعلومات المرئية (مثل شاربي شعيرات اللعبة) لتوجيه يد ليوني إلى الشيء الذي يثير اهتمامه.

بين 0 و12 شهراً، هناك تطور كبير أيضاً في مناطق الدماغ المرتبطة بالتطور الحركي. لهذا السبب يستطيع الطفل الذي يتحرك بطريقة غير متوازنة عند الولادة، القيام بخطواته الأولى بعد 12 شهراً!

مواساة الطفل حين يبكي

من ناحية السيطرة على المشاعر، يكون التقدم أكثر بطئاً. في هذا الإطار توضح سارة ليبي “في البداية، تبدأ مناطق الدماغ التي تظهر المشاعر بالعمل”. ومع ذلك، فإن المناطق التي تتحكم بالعواطف تكون ضعيفة من ناحية التطور والاتصال بمناطق أخرى من الدماغ”. لهذا السبب، يبكي الطفل كثيراً. بالنسبة للطفل الرضيع، البكاء ليس سلوكاً سيئاً، إنما هو وسيلته الوحيدة لإعلام من حوله بأن هناك خطب ما.

لهذا السبب، من المهم مواساة الطفل الذي يبكي. حين تطمئنونه، تساعدون دماغه على التطور والنمو بشكل جيد. في الواقع، هذا يتيح لخلايا الدماغ العصبية التي تساعد على التحكم بالتوتر والمشاعر القوية أن تصبح أقوى. عندما تطمئنون طفلكم الذي يبكي، ينتج دماغكم هرمون الأوكسيتوسين أيضاً، وهو الهرمون الذي يلعب دور المهدئ.

هزّ الطفل يعرض دماغه للخطر

تحدث متلازمة هز الرضيع عندما يقوم أحدهم بهزه بشدة. إذ يؤدي تحرك رأس الطفل بكل الإتجاهات إلى تحرك الدماغ داخل الجمجمة. وبما أن الدماغ لين ورقيق، من الممكن أن ينزف وينتفخ.

إن هزّ الطفل هو تصرف خطير جداً. بحيث يموت طفل واحد من كل خمسة أطفال تعرضوا للاهتزاز. يعاني البعض الآخر من تداعيات دائمة: فقدان البصر، شلل، صرع، عجز أو تراجع معرفي، تأخر نمو، مشاكل في السلوك، وما إلى ذلك. إذا شعرتم أنكم ستفقدون السيطرة لأن طفلكم يبكي كثيراً، ضعوه بعناية وهدوء في سريره وابتعدوا.

ليس أمراً خطيراً أن تتركوا طفلكم يبكي في سريره بينما تستعيدون هدوءكم. سيكون طفلكم بأمان هناك. وإذا كان ذلك ممكناً، اطلبوا من أحدهم أن يحل محلكم أو اتصلوا بأحد للتحدث عن مشاعركم. انتظروا حتى تهدأوا قبل أن تحملوا طفلكم من جديد.

اترك رد