سلوك الصبي الذي يفتقر إلى اهتمام أبيه

0

يتزايد في أيامنا هذه عدد العائلات التي تضمّ أحد الوالدين فقط. وغالباً ما يكون الأب هو من يترك العائلة. لعل الشريك لم يكن مستعداً لأن يصبح أباً أو لم يدرك حجم العبء العقلي والمالي والشخصيّ الذي ينتظره.

لذا، شعر بالهلع وفرّ مسرعاً. لعل السبب وبكل بساطة هو أنّ الوالدين لم يعودا متحابين وأنّ الخلافات كثُرت بينهما فقررا أن ينفصلا من أجل مصلحة الولد.

أو لعل العلاقة بينهما تعسّفيّة، فاختارت الأم أن تحمي ولدها من سوء المعاملة والنتائج المحتملة. ولعل الأم اختارت أن تعيش وحدها، فالنساء في أيامنا هذه قويّات ومستقلات ولا يحتجن إلى شريك كي يقمنَ بتربية أولادهن.

في الواقع، يجب ألا ننسى حالة الوالدين اللذين يعيشان معاً ولكن مشاركة الوالد في تربية ولده تقتصر على الحدّ الأدنى. هو موجود جسدياً لكنه غائب عاطفياً! وهو يتجاهل أسرته…

مهما كان الوضع، لا يمكننا أن ننكر أنّ غياب الأب يمكن أن يترك آثاراً على الطفل.

ويظهر هذا الأثر بشكل خاص إن كان الطفل فتى صغيراً، فحتى لو بذلت الأم قصارى جهدها كي تملأ الفراغ وتقدّم كل ما أمكنها من حبّ واهتمام للطفل، سيبقى النقص الناجم عن غياب الأب ملموساً.

وعلى الرغم من أنّ الصبيان يتعلّقون عموماً بأمهاتهم، إلا أنّ دور الأب في حياتهم مهم بالقدر نفسه. إذا افتقر إلى اهتمام الأب فسنلحظ هذا. كيف؟ إليكِ بعض الإشارات التي تسمح لك بأن تعرفي ما إذا كان ابنك يفتقد لاهتمام أبيه:

  • سلوك عدائيّ اتجاه الآخرين
  • سلوك واهتمامات ذكوريّة مبالغ فيها (بنادق، عضلات، شاحنات- موت!)
  • سلوك “متعجرف” في الظاهر (تذمّر، عدم اهتمام بالأسلوب، أنا رائع، هذا ممل)
  • تصرفات فظّة مع النساء، الأشخاص المثليين أو الذين يبدون كذلك، الأقليات

إنّ السلوك العدائيّ هو طريقة يعتمدها الصبي كي يخفي شعوره بعدم الأمان. في الواقع، بما أنه يفتقر إلى ثناء وتقدير واحترام رجل أكبر منه سناً، يحاول أن يتظاهر بأنه صلب وحازم. وينطلق في سلوكه هذا من قاعدة: قلل من شأن الشخص الآخر قبل أن يقلل من شأنك.

إن كان تواصل الصبي محدوداً مع والده أو مع رجال آخرين، فلا يمكن له أن يعرف فعلاً كيف يتصرّف كرجل.

لمَ يتصرّف ولدك بهذه الطريقة؟

كما أشرت سابقاً، يفتقر ولدك إلى قدوة ذكوريّة. بالتالي، يعتقد ابنك أنه إذا أحسن التصرّف وكان لطيفاً ومحباً في تعامله مع الآخر، فسيبدو سلوكه وكأنه سلوك فتاة. لا يدرك الصبي أنّ هذه السلوكيات والتصرفات “طبيعيّة”، حتى بالنسبة إلى الرجال، فالوالد أو الرجل في ذهنه هو رجل شرير، غائب وبارد.

بالتالي، يسعى ابنك إلى تقليد الصورة الرجوليّة هذه عبر التصرّف بطريقة فظّة وعنيفة وباردة. لا يُظهر الاحترام ولا يعرف كيف يتواصل مع أصدقائه أو معك.

إنه قاسٍ جداً!

عندما تلاحظين مثل هذا السلوك عند ابنك، فاعلمي أنّ الذنب ليس ذنبك. أنت لم تخطئي في شيء ومنحته كل ما يحتاجه. لكنه يحتاج وبكل بساطة إلى قدوة رجوليّة لتشرح له معنى أن يكون المرء رجلاً. لذا، ومن أجل مصلحته، عليك أن تستشيري أخصائياً.

في الواقع، يمكن للمعالج أن يعيده إلى الطريق الصحيح. ويمكنه بالتالي أن يعلّمه كيف يفعل التالي:
  • يحل أيّ نزاع وخلاف بطريقة وديّة ولطيفة
  • يتحدّث بسهولة إلى النساء ولا يتصرّف بطريقة معاديّة معهن
  • يعبّر عن الاحترام أو الحزن، أو يعتذر، الخ…

وأنت، ماذا يمكنك أن تفعلي؟

تكلمي وتكلمي وتكلمي…

من المهم أولاً أن تشرحي لولدك سبب غياب أبيه. لمَ اتخذتما القرار بالإنفصال؟ هل يريد والده أن يتواصل معه؟

بعدئذ، اشرحي له أنّ الرجال ليسوا متشابهين كلهم وأنّ إظهار مشاعره والتصرّف بلطف ليس دليل ضعف بل على العكس من ذلك إنه دليل كِبَرٍ ورجوليّة.

يجب أن يكون المرء قوياً وشجاعاً كي يعبّر عما يشعر به. ويجب أن يتمتع بالقوة العقليّة كي يردّ بهدوء على الاستفزاز أو الظلم.

يجب أن تبيّني لابنك أنه يحق له أن يشعر بالغضب من والده وأن يحسّ بنقص الاهتمام الأبويّ، حتى وإن اختار زوجك أن يرحل. لكن ثمة طرق صحيّة أكثر للتعبير عن ذلك. اجعليه يدرك أنّ عليه أن يثق بك كي تساعديه على تجاوز هذه المرحلة الصعبة من حياته. يظهر هذا النقص بوضوح أكبر في مرحلة المراهقة عموماً.

إذن، كوني حاضرة من أجل ولدك ولا تردي على غضبه بالغضب. كوني صبورة ومتفهّمة!

اترك رد