الطفل الأوسط دائماً مظلوم

0

الطفل الأوسط دائماً مظلوم
حان موعد النوم. وطلبت مني ابنتي الوسطى التي تبلغ 4 سنوات من العمر أن أنام بالقرب منها، مستخدمةً تلك العبارة التي لا يمكنني مقاومتها “أمي، أريد أن أنام في قلبكِ”. أطفأنا النور وبدأتُ أداعب شعرها الحريري، وقبل أن تطلب مني أن أروي لها قصة كالمعتاد، التفتت إليّ فجأةً وقالت “أمي، مَن تحبين أكثر؟”. فكرتُ لثوانٍ ثم أجبت “أنا أحبكن جميعكن، أنتِ وأختكِ نايا، وأختكِ يارا”. لكنها كررت مصرةً “حسناً ولكن من تحبين أكثر؟”.
ففكرتُ في نفسي “ما هذا السؤال المحرج. هؤلاء الأطفال يطرحون أسئلة غريبة”. وقلتُ لها “أحب ذكاء أميرتي، وظرافة نايا، وطيبة يارا… أحب في كل منكن أجمل ما فيها. وأحبكن جميعكن كما أنتن”. وغيرتُ الموضوع بسرعة وبدأتُ برواية قصة قبل النوم كي لا أضطر إلى الإجابة على أسئلة أكثر إحراجاً.

الطفل الذي يحمل المرتبة الوسطى في الترتيب من ناحية تاريخ الولادة دائماً مظلوم!

غالباً ما لا يحصل “الطفل الأوسط” على الثقة والدعم اللذين يحصل عليهما الطفل الكبير، ولا على الاهتمام المفرط الذي يحصل عليه الطفل الصغير. وبالتالي لا يكون له دور واضح أو مميز في الأسرة. فيسعى دائماً إلى لفت الانتباه. وبالتأكيد لا يُعَد هذا التقصير من قِبَل الوالدين مقصوداً، إلا أنهما لا يتمكنان من تخصيص الوقت والجهد نفسه للطفل الأوسط، كون الطفل الأصغر يحتاج دائماً إلى المزيد من العناية والاهتمام…

التعبير عن الغيرة بالكلمات والسلوكيات

لم تكن المرة الأولى التي تعبر فيها أميرتي عن غيرتها. فحين تأتي معلمة ابنتي الكبرى تحاول أميرتي دائما لفت انتباهها وتجيب على أسئلتها وتحضر ورقة وقلماً كي تدرس بالقرب منهما. وحين احتفلنا بعيد ميلاد ابنتي الكبرى السابع، استمرت في السؤال عن توقيت عيد ميلادها قائلة “متى سأحتفل بعيد ميلادي مثل أختي يارا”. أما عن اختها الصغرى فحتى حين تمرض نايا وترتفع حرارتها، تضع أميرتي يدي على رأسها وتقول “أنظري أنا مريضة أيضاً”. ووقت النوم تطلب مني أن أنقل أختها إلى سريرها قائلة “نايا أصبحت كبيرة، أعيديها إلى سريرها”.
كما قد تتجسد الغيرة في سلوكيات سيئة. ذات ليلة بدأت أميرة تهرب من السرير وتشاغب. كان زوجي برفقة ابنتنا الصغرى، وأنا أحضر ابنتنا الكبرى للخلود إلى الفراش. حينها رأيتُ نظرات زوجي وهو يكاد يفقد السيطرة على هدوئه. وقبل أن ينفعل بسبب تصرفاتها السيئة، سألتُها بهدوء “أميرتي الذكية لم تتصرف بهذه الطريقة؟ دعيني أخمن.. تريدين بابا.. صحيح؟”. أجابت “نعم، بابا يجلس بالقرب من نايا، وأنا أريد أن يجلس بابا بالقرب مني”.

adobestock
ما هي الغيرة فعلياً؟

دعونا نفكر قليلاً ونتروى قبل أن ننفعل. فالغيرة في الحقيقة ليست سوى تعبير عن الحب. أطفالنا يحتاجون إلى أن يشعروا بأنهم أولويتنا دائماً، ويحاولون بكل الطرق جذب انتباهنا والحصول على حبنا واهتمامنا.
لذا حين يكون لدينا طفل يحاول لفت الانتباه بأي شكل من الأشكال، علينا تخصيص المزيد من الوقت والاهتمام له، لا توبيخه أو الانفعال عليه.

سماح خليفة

اترك رد