أطفالكم ليسوا سبب مشاكلكم الزوجية.. هم ضحيتها!
لا تعلقوا فشلكم في حياتكم الزوجية على شماعة أطفالكم! أطفالكم ليسوا سبب مشاكلكم الزوجية.. هم ضحيتها!
اختبأَت خلف الباب عند دخول زوجها مع ابنها وابنتها. فقد هددها بضربها إن وجدها في المنزل عند عودته. ما السبب؟ لا يهم.. مشاكل الأزواج لا تنتهي. ولكلٍ طريقته في التعامل مع المشاكل وقدرة محددة على التحمل والتفهم. شخصياً لا تعنيني مشاكل الكبار بقدر ما تهزني مشاكل الصغار. نحن الكبار نستطيع أن نقاوم، ان نغيّر، أن نتغيّر، أن نهجر ما يؤذيناـ أن ندافع عن أنفسنا.. نحن مسؤولون إلى حدٍ ما عن معظم مشاكلنا، تصرفاتنا، ردود فعلنا، طريقة تواصلنا مع الآخر… كلها عوامل تؤدي إلى نتائج غالباً ما تكون متوقعة.
لكن ماذا عن أولئك الصغار الذين لا حول لهم ولا قوة؟ دخل ابنها الذي يبلغ من العمر أربع سنوات إلى المنزل ولم يجدها، فسمعت صوته يصرخ بكل قواه “أين أمي؟ أريد أمي! أعد لي أمي”. ما كان للوالد إلا أن شده من يده بالقوة وأخبره أنها رحلت ولن تعود. وبعد أن ظن أنها خرجت، أخذ الطفلان واصطحبهما إلى منزل والدته.
بمجرد أن خرجوا، خرجت الأم من مخبئها، وانهارت باكية. هي لم سمع صوت ابنتها أيضاً، طبعاً لن تسمعه، لأن ابنتها هذه لا تتكلم، هي تعاني من تأخر في التواصل. لكنها تدرك تماماً ما كان يختلج فؤاد ابنتها في تلك اللحظات.
رحلت إلى منزل أهلها وهي تفكر بينها وبين نفسها “سيعرف الآن قيمتي، حين يتولى مسؤولية أطفاله بنفسه”. بينما كان زوجها يفكر “ستعود نادمة وتطيعني حين تشتاق إلى أولادها”.
هكذا يصل الحال بمعظم الأزواج الذين يفكرون في الانفصال غالباً. يفكر كل شخصٍ بنفسه، ويصبح الأطفال ورقة تحدٍ، مَن يمتلكها هو مّن يفوز بالحرب.
إلقاء اللوم على الأطفال
كانت تتكلم بمنتهى الثقة قائلة “سأرمي له الأولاد وسيترجاني كي أعود إلى المنزل”. استوقفتني عبارة “أرمي”. ليت هناك مَن يرمي أمراً بمنع هؤلاء الناس عن الإنجاب قبل أن يصبحوا أكثر وعياً وقدرة على التفاهم.
ثم قالت “ابنتي هي سبب مأساتي، إنها سبب خلافاتي أنا وزوجي”. لم أتمكن من أن أكون لطيفة هذه المرة. كان لا بد من أن أجعلها تسمع الحقيقة. فأجبتُها دون أدنى تردد “هل ابنتكِ التي تعاني من مشاكل في التواصل وفرط الحركة هي مَن دفع زوجكِ إلى ضربكِ؟ أم انها مَن جعله يغضب عندما طلبت منه إحضار خادمة لمساعدتكِ في المنزل؟ أم أنها السبب في كون زوجكِ لا يحترم مشاعر المرأة ولا يتفهمك؟ اقلبي العبارة عزيزتي. أعلم أن كلامي سيغضبكِ. لكن علي أن أخبركِ الحقيقة. أنتما السبب في تأخر ابنتكما في التواصل؟ ماذا عساها أن تقول ولمَن؟ في هذا الجو المشحون بالغضب والتوتر والعنف. بدلاً من أن تحتويها وتأسفي على الجو الذي تعيش فيه هذه الصغيرة، تتهمينها بأنها السبب في فشل حياتكما الزوجية والعاطفية!”.
مساكين هؤلاء الأطفال الذين يضطرون إلى أن يكونوا شهوداً على مشاكل أهلهم. في الفترة التي يكونون فيها في أمس الحاجة إلى العطف والحب والاهتمام، كلّ ما يلقونه هو التوبيخ والعبارات القاسية وربما التعنيف. أطفالكم ليسوا وسيلة كي تستعيدوا توازنكم النفسي، واجهوا مشاكلكم بدلاً من تفريغ مشاعركم السلبية وإسقاط مشاكلكم النفسية على هؤلاء المساكين.
سماح خليفة