حين يدخل المراهق في الانزواء والانطواء : كيف تكونين أماً “شرسة” لمساعدة طفلك

0

الانزواء والانطواء عند المراهق:
مرّ بسرعة واكمل سيره نحو غرفته بدون ان يلقي عليّ تحية مع أني صديقة امه منذ زمن بعيد..نادته صديقتي:” احمد تعال وسلم “
شعر الصبي بالحرج وعاد وألقى عليّ التحية متلعثماً محمر الوجه”

رحبت به ببضع كلمات ثم انصرف مسرعاً الى غرفته وكأنه يهرب .. التفت الى صديقتي وقلت لها:” ما كان عليك إحراجه هكذا. لا بأس إن لم يسلم”

  • أجابتني صديقتي:” انت صديقتي ويعرفك منذ نعومة أظافره.. عيب أن يراك ولا يلقي التحية”
  • لا بأس يا صديقتي .. “انا لم انزعج منه. ولكن هذا الصبي تغير كثيراً”

ردت عليّ صديقتي:” الله يلعن الحجر وتأثيراته .. مع ان الحجر انتهى إلا أن مفاعيله ما زالت سارية على ابني.
سكتت وغارت عيناها بالحزن: ” لا اعرف ماذا افعل معه.. انه يزداد انطواء على نفسه.. ليس لديه اصدقاء ولا شلة يذهب معهم.. ولا يمارس رياضة وحتى كرة القدم لم يعد يلعبها”

سألتها وانا افكر بذاك الصبي الصغير الذي كان يملأ البيت بشيطنته؟ اين ذهب؟ وكيف تبدل الى مراهق انطوائي ؟:” لماذا تغير برأيك؟”

أجابت صديقتي :” انه يقلل من قيمة نفسه ويتجنب كل ما هو جديد ولا يحاول اغتنام الفرص كما أنه لا يستطيع التعامل مع احباطه لذا يغضب لأتفه الامور كما أن نظرته الى نفسه سلبية جداً ويجد صعوبة في ايجاد صداقات”

نظرت الى صديقتي فما تذكره هي عوارض تشير الى أن ابنها يعاني من قلة الثقة بالنفس وهذه ظاهرة قد نجدها عند الكثير من المراهقين.. ولكن ترك الامر بدون مساعدة قد يفاقم وضع المراهق ويؤثر سلباً فيه ..

هناك مضاعفات لقلة ثقة المراهق بنفسه منها:
  • تقلبات سلبية في المزاج كالشعور بالحزن او القلق او الغضب او الخجل من نفسه
  • قلة وجود الحوافز
  • الحكم على نفسه وصورته وعلى جسده بشكل سلبي

نظرت الى صديقتي وقلت لها:” عليك مساعدته على تخطي هذه المرحلة..”
اعتم وجه صديقتي اكثر فاكثر فقالت والإحباط يغلف صوتها:” ماذا أفعل”- –

-بإمكانك فعل الكثير من اجله انت وابوه. وأول خطوة هي التوقف عن انتقاده والتقليل من شأنه.. ما اقصده ألا تقولي له مثلاً لماذا ليس لديك اصدقاء ولماذا تفعل هذا وهذا .. المطلوب كأول خطوة هو التخفيف من انتقاده.. ثقة ابنك بنفسه متدنية فلا تزيدي هماً على همه.. دورك مساندته ومساعدته وليس انتقاده. والاهم أن تطلبي من زوجك عدم اهانته كما يفعل عادة.. ناقشي زوجك ليساعدك على تعزيز ثقة ابنك بنفسه. لا تحاولي انت او زوجك إملاء ما عليه فعله لأن قيامك بذلك يرسل رسالة اليه بأنه شخص ضعيف لا قيمة له.

المطلوب منك ان تعززي أفضل ما لدى ابنك. لا أحد يعرف ما هو الشيء الذي يبرع فيه ابنك المراهق مثلك. عندما تقومين بتأطير ابنك المراهق بشكل إيجابي ، فإن ذلك يؤدي إلى أكثر من مجرد تعزيز الشخصية. إنه يحميه من أولئك الذين قد يؤثرون سلباً في نظرته الى نفسه

اسألي نفسك ، ما هي الأشياء التي تحدد حقًا ابنك المراهق؟ التعاطف؟ رفض الظلم ؟ السخاء؟ العناد؟ الحساسية؟ الصلابة؟

دعي ابنك يرى نفسه بالطريقة التي يستحقها.؛ انظري اليه بعيون الحب لا عيون النقد

أحد مفاتيح تربية المراهقين هو معاملتهم بتعاطف. إن تعاطفنا يعلمهم الاستماع إلى مشاعرهم. عندما نسمح لهم بمعالجة مشاعرهم ، فإننا ندعم نضجهم العاطفي وصحتهم. من ناحية أخرى ، إذا قللنا من شأن عواطفهم ، فسيتعلمون حبس مشاعرهم. وعندئذ لن يقدروا اهمية الشعور بالآخرين وسيقل احتمال تعاطفهم معهم.

إذا كان لديك مراهق يعاني من الانزواء والانطواء كوني القدوة ..

يطور أطفالنا شخصيتهم من خلال القيم التي نزرعها فيهم ومن خلال كلمات المدح التي نغدقها عليهم ومن خلال الطريقة التي نصحح بها أخطاءهم . كما انهم يتعلمون من خلال طريقتنا في التفاعل مع الامور التي تعترضنا. فمشاهدة ما نفعل يعلمهم كيف يتصرفون.

اطفالنا يسمعون صمتنا فلو انتقدناهم في داخلنا سيرون هذا الانتقاد.؛ ثقي بطفلك واعطيه جرعة الدعم.. كما ان الانطواء ليس دائماً سلبياً. فهو في بعض الاحيان يكون فترة ليصقل المراهق نفسه وشخصيته كي ينطلق بقوة الى العالم.. المطلوب ان تدعموه وان تمدحوه في قلوبكم وان تؤمنوا بأنه جدير بكل نحاح وخير.

لا تطلبي من طفلك الكمال واقبليه على ما هو عليه بحسناته وسيئاته.. انسي الكمال.. ما يجعلنا اهلاً. صالحين ليس كمالنا بل اهتمامنا بعائلتنا وعملنا وحسن التفكير وتقبل أطفالنا وعدم اسقاط ما افتقرنا اليه عليهم.. ولا تنسي أن اهم عمل نقوم به مع المراهق هو مد جسر للتواصل معه عبر فتح ابواب النقاشات معه وليس مرة كل سنة بل الدخول في هذه النقاشات عند كل فرصة.

إذا كان لديكم مراهق يعاني من الانزواء والانطواء.. أخبرونا عن تجربتكم في التعامل معه؟

آمال الأتات

اترك رد