انعزال المراهق ليس انعزالاً. انه خوف من الفشل وهرب من النقد واللوم.. ساعدوه رجاء
انعزال المراهق:
مؤخراً اصبحت ابنتي المراهقة اكثر انعزالاً واكثر انطواء على نفسها.. فهي ترفض اي نشاط نقترحه عليها وترفض حتى الخروج لزيارة الأقرباء .. في إحدى المرات تسجلت انا في ناد رياضي وفرضت عليها الذهاب معي. قلت لها : “لقد مضت فترات الحجر وحان الوقت للخروج والاختلاط بالناس”.
وافقت ابنتي على مضض وقررت الذهاب معي الى النادي وهي تجرجر قدميها.
المسير إلى النادي
مضى الاسبوع الاول فالثاني على خير وكانت المدربة التي تدربها فتاة لطيفة احبتها ابنتي وكان السبب بكل بساطة ان هذه المدربة كانت تشجعها وتقول لها جسمك لين ورياضي .. وحينما عرفت المدربة بان ابنتي كانت مسجلة سابقاً بصفوف الباليه نصحتني بأن اسجلها من جديد .. كلمات هذه المدربة اعطت جرعة ثقة لابنتي بنفسها المهتزة بالاصل بعد سنتين من الحجر والانزواء..
ثم حدث أن تركت هذه المدربة النادي وانتقلت ابنتي للتمرن مع مدربة اخرى .. اين المشكلة؟ المشكلة ان المدربة الجديدة لم تكن ترى ابنتي وسط المتمرنات لديها .. اصبحت ابنتي رقماً في هذا الصف لا شخصاً .. لم تعد تسمع كلمات الاطراء والمدح لليونة جسمها وخفة الحركة لديها.. اصبحت في الصف شخصاً غير مرئي .. تقف في آخر صف الايروبيك بحيث لا يمكن لأحد او المدربة أن تراها ولو أرادت.. باختصار عادت ابنتي الى عزلتها الداخلية وعاد إليها بقوة شعورها بأنها شخص غير مهم..
وبدأت ترفض الذهاب الى النادي وفي كل مرة كانت تجد حجة لعدم الذهاب.. آه من انعزال المراهق!
حاولت مرات عدة معها وفشلت ..
لم ادر ماذا افعل. النشاطات الرياضية هامة لتعزيز ثقتها بنفسها وللشعور بأنها شخص ذو قيمة وسط عالم الكبار هذا..
ولكني لم أيأس اذ كان عليّ ايجاد طريقة لمساعدتها على اختيار نشاط تحبه. ولأني اعرف انها تحب الباليه او ربما كانت لا تحبه .. لا أدري .. ولكنها في نشاط الباليه تشعر بأنها متميزة عن غيرها.. سعيت للبحث عن مكان تتم ممارسة نشاط الباليه فيه ووجدته فسجلتها هناك ومنذ الجلسة الاولى قالت لها المدربة :” انت ماهرة يا عزيزتي بالباليه ” وانخرطت ابنتي بصف الباليه وكانت تذهب بدوني ولم تكن تغيب عن الصف الا عند الضرورة واذا غابت كانت تشعر بالانزعاج..
المراهقون اشخاص في قلوبهم يتربع الخوف من الفشل .وانعزال المراهق عائد إلى هذا الخوف الذي يسيطر عليهم احياناً بطريقة كبيرة ويشلهم. انها دوامة. يخافون الفشل فيمتنعون عن ممارسة الانشطة. وعدم مزاولة اي نشاط يزيدهم انزواء فوق انزواء.
كيف تساعدون المراهق؟
عندما تقررون مساعدة المراهق على ايجاد اهتمامات ونشاطات لا تحددوا انتم هذه النشاطات بل ساعدوه على الاختيار وابحثوا عن شيء ما يبدع فيه ليقبل عليه بإرادته.
ان الهوايات ضروية لضمان تفتحه الاجتماعي .. ولا داعي للذعر إن لم يكن لدى طفلكم هواية .. اسعوا لمساعدته على ايجاد هواية
ساعدوه كي يجد نشاطاً يثير اهتمامه.. نشاطاً يجيده ويمنحه حافزاً قوياً . قد يظن الاهل كما ظننت انا عندما رفضت ابنتي النشاطات في النادي الاول بانها لا تهتم بأي شيء وانها لا تريد الا العزلة.. هذا الاعتقاد خاطئ وعلى الاهل كسر احكامهم المسبقة بحق اطفالهم..
لا تيأسوا مهما حصل بل اسعوا بجهد حتى تجدوا هواية ما لابنكم او ابنتكم. لعلها أو لعله يهوى القراءة او لعله يهوى تصليح الاشياء او لعله يهوى تنظيم نشاط ما.. ابحثوا عن شيء يحبه سواء اكان هذا الشيء امراً رياضياً ام غير رياضي .. ان ايجاد هواية ما تسمح للمراهق بالانتقال الى العمل وباكتساب حافز جديد قوي ويمكن لهذا الحافز ان ينتقل الى مجالات اخرى..
احرصوا على ان تطلبوا منه أشياء قابلة للتحقيق وتندرج ضمن قدراته..
يمكن لغياب الحافز أن ينجم لسوء الحظ عن الإدمان على الشاشات. إن كان ولدكم يقضي الكثير من وقته على ألعاب الفيديو مثلاً فلن يكون لديه رغبة كافية لمواجهة الحياة الواقعيّة.
لكن لا داعي للهلع: هذا الأمر عرضيّ وسيدرك في أيّ لحظة أنّ هذا كله لن يفضي إلى أيّ شيء. يمكنكم من ناحية أخرى أن تحدّوا الوقت الذي يقضيه أمام الشاشات عبر تحديد مواعيد وأوقات يمكنه خلالها أن يستخدم الانترنت.
تذكروا ان خوف المراهق من الفشل هو ثقل كبير على قلوبهم اليافعة فرجاء لا تزيدوا خوفهم ، خوفاً منكم ومن انتقاداتكم اتركوهم بسلام .. دوركم مساعدتهم وليس تحطيمهم.
آمال الأتات