كيف تعطي الأساليب التربوية غير المباشرة مع أطفالنا نتائح مذهلة!

0

كيف تعطي الأساليب التربوية غير المباشرة مع أطفالنا نتائح مذهلة!

بدأ صبري ينفد وانطلق العد العكسي لمدى قدرتي على السيطرة على غضبي. ما بين الملابس التي رمتها ابنتي الصغرى أرضاً، والألعاب المتناثرة في كل مكان، والأطباق المتراكمة في المطبخ.. وصولاً إلى شجار بدا أنه لن ينتهي بين ابنتَي على قطعة حلوى… وقفتُ في وسط الغرفة وقد بدا عليّ الغضب الشديد، وقبل أن أفقد صوابي وأبدأ بالصراخ بلحظات معدودة، فوجئتُ بابنتي الوُسطى تمسك بيدي، تشدني كي أقترب منها، وتقول لي بمنتهى اللطف والبراءة: “أمي، اهدأي، ركزي معي قليلاً، أنظري إلى عيني، والآن ابدأي بأخذ نفس عميق مثلي هكذا (وبدأت تأخذ نفساً)، ثم تنفسي هكذا (وبدأت بالزفير)”.

تلاشى الغضب بثوانٍ ووقفتُ مذهولة أمام هذه الفتاة التي تبلغ من العمر 4 سنوات، أحاول أن أستوعب ما يحصل.

حاولتُ جاهدة ألا أضحك، فليس من المألوف رؤية طفلة بهذا السن تتصرف بهذا الوعي والذكاء. لكن كان عليّ أن أتعامل مع الأمر بمنتهى الجدية، وأن أؤكد لها أن طريقتها صحيحة، وأنه التصرف السليم الذي يساعدنا على أن نهدأ حين نغضب، قبل أن نتخذ قرارات خاطئة نندم عليها في وقتٍ لاحق. على أي حال، هذا ما علمتها إياه.

انحنيتُ نحوها وبدأتُ أنفذ ما تقول حرفياً. كنتُ قد هدأتُ مسبقاً، فتصرف هذه الطفلة كان كافياً لجعلي أنسى كل شيء وأبدأ بالتفكير فيها وفي تصرفاتها. ثم شكرتها لأنها ساعدتني كي أهدأ. ابتسمت لأنها نجحت في مساعدتي. ثم قالت لي “أمي، ماذا نفعل أيضاً حين نغضب؟”.

AdobeStock License

تذكرتُ طبعاً قصة الأرنب التي رويتُها لها. كان هذا الأرنب يرمي كل شيء أرضاً حين يغضب ويتصرف بشكل خاطئ ثم يندم. إلى أن تعلم أن يأخذ نفساً عميقاً قبل أن يقوم بأي ردة فعل، ثم يذهب إلى أمه أو أبيه ليخبرهم عن سبب غضبه كي يساعداه على حل المشكلة.

فأجبتها وأنا أبتسم “لقد نسيت، أخبريني أنتِ، ماذا عَلَيّ أن أفعل”.

فأجابت “أن تخبري أحداً عن سبب شعورك السيء. أخبريني أمي لما أنتِ حزينة وغاضبة؟”.

غمرتها طبعاً وقبلتها قائلةً “حسناً سأخبرك، الفوضى تعم في كل المنزل، وصغاري يتشاجرون ويصدرون الكثير من الأصوات. والأصوات العالية تسبب الكثير من الإزعاج والتوتر.”

فأجابت بسرعة “أنا هنا، أنا سأساعدكِ أمي”. وبدأنا نوضب المكان معاً.

ليست قصة من نسج الخيال. إنه واقع. هذه الطفلة الذكية الرائعة.هي نفسها تشاغب أحياناً وتركض في كل الأنحاء وتثير جنوني. لكن بعض الأساليب التربوية رغم بساطتها قد تعطي نتائج فعالة جداً. خاصة إذا لم تكن أساليب مباشرة أو على شكل تعليمات. وقد لاحظتُ أن أبرز تلك الأساليب وأكثرها فعالية هي الألعاب والقصص واللعب التخيلي.. أي كل ما يشبه طرق تفكير أولادنا ويساعدهم على تلقي المعلومة بمتعة وشغف.

سماح خليفة

اترك رد