رسالة إلى طفلتي “المختلفة”: لا تقلقي، سنتخطى كل هذا معاً

0

رسالة إلى طفلتي “المختلفة”: لا تقلقي، سنتخطى كل هذا معاً

ذات يوم سأنظر إلى كل الأحداث والأمور التي تكاد تسحقني اليوم وأبتسم. سأخرج منتصرة من أي معركة حتماً. على أي حال ليس لدي أي خيارٍ آخر. أنا أم. والأم لا تستسلم. الأم هي مصدر قوة أطفالها، ملجأهم والملاذ الآمن الذي يحتمون فيه.
سأنظر إلى الأشخاص الذين تحدوني وراهنوا على انهزامي وأبتسم. تماماً كما كنتُ أبتسم بصمت حين كانوا يستهزئون بأفكاري ويحاربونني بنقطة ضعفي.. بكِ
أتخيّلكِ بجانبي مرتديةً فستاناً وردياً، ممسكةً بيدي تنظرين إليّ وتبتسمين. أتخيّلنا في مكانٍ ما أكثر ارتفاعاً من الجميع، كأننا ننظر إليهم من أعلى ونبتسم. أتخيّل نظراتهم المليئة بالكثير من علامات الاستفهام والندم والخجل. سننجح في تخطي كل هذا صغيرتي أنا أعدكِ.

لا أدري لِمَ حتى في انتصارنا أرى صمتاً. ربما لأنها لغتنا المشتركة.

ربما لأننا نشعر ألا داعي للتواصل مع أشخاص لا يفهموننا ولن يفهموننا أبداً. وربما لأن في الصمت رقي، على الأقل الصمت لا يجرح، لا خطر في أن نؤذي أحد بصمتنا. الكلمات هي التي تؤذي وتخلق في الذاكرة والقلب ألماً لا يُحتمل. ربما أيضاً لأن الواثق غالباً ما يصمت، لأنه لا يشعر أن هناك حاجة للتبرير.
أراهم يصفقون لكِ ويبكون. وأراني أبتسم بفخرٍ وعيناي دامعتان، ليس من الحزن والخوف هذه المرة، بل من شدة الفرح.
صغيرتي، قد لا بحبنا الناس حتى لو كانت نوايانا كقلبكِ الأبيض وعينيك البريئتين. لكن لا بأس، سيدركون ذات يوم أننا لم نكن نستحق سوى كل الحب.
قد لا يفهموننا، وقد يفهموننا بطريقة خاطئة. لكن لا بأس، سيدركون ذات يوم أننا على حق.

ثقتي بكِ التي يسمونها وهماً، ستجعلنا نتجاوز كل هذا معاً. وثقتكِ بي التي لا تسمح لهم سطحية أفكارهم برؤيتها، ستجعلني أقوى يوماً بعد يوم.

للمرة الألف أقول لكِ، ثقي بي. أمكِ لن تخيّب ثقتكِ يوماً، لو تطلّب ذلك أن أتحدى أقسى وأعمق مخاوفي. لو تطلّب ذلك أن أضطر إلى التعامل مع أخبث وأسوأ أنواع البشر. لأجلكِ صغيرتي سأجتاز كل هذا.
لطالما تمنيتُ أن أنعزل عنهم جميعاً، لكن ها أنا لأجلكِ ولأول مرة في حياتي أواجه. لن أنسحب هذه المرة، لن أهرب. في كل موقفٍ أخاف فيه، أتخيّلكِ تقفين خلفي ممسكةً بيدي وأنتِ ترتجفين من الخوف. وأحلف بأن أنتصر على خوفي.. وأنتصر. في كل مرةٍ أكاد فيها أستسلم أو أنسحب، أراكِ كما كنتِ في صغركِ تجلسين بمفردكِ منزويةً تمسكين بالألعاب وتحركينها بشكلٍ دائري ولا تردين على ندائي. فأحلف أن أواجه لأجلكِ وأصمد. في كل مرةٍ أتأّلّم فيها وأصمت دون أن أدافع عن ذاتي، أتخيّل الصمت يخيّم على قلبكِ وأيامكِ من جديد. فأنتفض، وأتكلّم.

أنتِ سبب كل انتصاراتي. لا بل أنتِ سبب انتصاراتي الوحيد. أنا درعكِ الذي يحميكِ من طلقات وطعنات كل مَن لا يؤمن بأنكِ تستحقين حياةً أفضل. وأعدكِ أن أكون بقدر المسؤولية، والقوة، والحب اللازمين كي أتمكن من حمايتكِ. وحين نصل، سأخطو خطوةً جانبيةً، وأسمح لكِ بالمواجهة لوحدكِ. بعد انتصارنا لن تكون أمكِ في المقدمة، ستكونين أنتِ القائد، وسأقف خلفكِ كي أساندكِ وأساعدكِ على التماسك والصمود.

سماح خليفة

اترك رد