كيف اكتشفتُ سبب التراجع المفاجئ في سلوك ابنتي

0

كيف اكتشفتُ سبب التراجع المفاجئ في سلوك ابنتي

تراجعت طفلتي ذات الأربع سنوات سلوكياً بشكلٍ ملفت؛ بين صراخ وانفعال وعناد وعصبية. كما أن أوقات نومها لم تعد منتظمة نهائياً. إضافة إلى ذلك لم تعد تتناول الطعام بكميات كافية منذ أكثر من أسبوع مدعية أنها تعاني من ألم في بطنها. اتصلتُ بطبيبها وحجزت موعداً للتأكد في حال كانت مصابة بفيروس في معدتها أو من أي مشكلة عضوية. لكنني تفاجأتُ قبل زيارة الطبيب بأن سبب كل ما يحصل معها مختلف كلياً. لم يكن ليخطر ببالي حينها أن أمراً مثل هذا قد يؤدي إلى مشاكل بهذا الحجم.

في نفس اليوم الذي تواصلتٌ فيه مع الطبيب، حضر زوجي إلى المنزل مبكراً. بدأت صغيرتي تقفز من الفرح، فقد مرت فترة كان يعود فيها متأخراً بسبب دوامه الطويل في العمل الذي تولّاه مؤخراً. حضرتُ المائدة وجلسنا لتناول الطعام، وبدأ يُطعمها بنفسه، فإذا بها تنهي الطبق كاملاً وتطلب المزيد. تفاجأتُ حينها وسألتُها باستغراب “أميرتي إن كنتِ جائعة إلى هذا الحد، لمَ رفضتِ تناول الطعام معي اليوم؟”. فكانت الإجابة المفاجئة التي تحمل رغم بساطتها معانٍ بمنتهى العمق “لأنني أحب أبي”.

AdobeStock License
لم تستطع صغيرتي أن تفسر مشاعرها بطريقة أكثر وضوحاً. لكنني قرأتُ الكثير من المعاني خلف عبارتها هذه.

هي تقصد “أنا أشتاق إلى أبي. أنا أفتقد إلى وجوده واهتمامه. أنا أحتاج إلى قضاء مزيد من الوقت مع أبي. وأنا حزينة لأن أبي منشغلٌ عني. أنا أغضب كثيراً لأنني أفتقد إلى الأمان الذي أشعر به في وجود أبي. أنا أرفض النوم لأن أبي يتأخر في العودة، وأنا لا أحب النوم في منزلٍ يخلو من وجود أبي”.

كيف قرأتُ كل هذا خلف تلك الإجابة الصغيرة؟ ببساطة لأنني فقدتُ أبي. بعد أن توفي شعرتُ بفراغٍ لا يعوّضه شيء ولا أحد في الوجود، فراغٍ يرافقني في كل لحظة وكل يوم وكل إخفاق وكل إنجاز وكل خيبة وكل انتصار. فكيف لطفلة بهذا السن أن تشعر بعد هذا التغيّر الجذري في حياتها؟.

في ذلك اليوم نامت طفلتي كالملاك في حضن والدها. لم تركض هاربةً في أرجاء المنزل محدثة الضجيج والفوضى. لم تعاندني ولم تقم بسلوكيات سلبية محاولة التعبير عن حزنها بطريقتها الخاصة.

مخطئٌ مَن يظن أن دور الأب ثانوي. الأب هو الركيزة الأساسية في المنزل، هو السند والأمان والحب والدعم والطمأنينة والسلام. لا سلام داخلي في منزلٍ يكون فيه الأب حاضراً غائباً، أو غائباً بشكلٍ كلي.

إذا وجدتم مقال “كيف اكتشفتُ سبب التراجع المفاجئ في سلوك ابنتي” مفيداً لا تترددوا في مشاركته مع الأصدقاء.

سماح خليفة

اترك رد