أخيرا عزيزتي الأم.. لا مزيد من الشعور بالذنب بعد اليوم!

أخيرا عزيزتي الأم.. لا مزيد من الشعور بالذنب بعد اليوم! أخيراً وجدتُ الحل لذاك الشعور القاتل بالذنب. لطالما خفتُ من فكرة إهمال أطفالي بسبب انشغالي بالعمل خارج أو داخل المنزل. يمر الوقت بسرعة كبيرة وتمر الأيام وتتكرر لدرجة أنني أشعر أنهم يكبرون دون أن أتمكن من التمعن في تفاصيلهم الجميلة ومشاركتهم تجاربهم البريئة والاستمتاع بوجودهم.

لطالما سمعوا مني عبارة “ليس الآن، أنا مشغولة”. ولطالما شعرتُ بالذنب لأنني كنتُ أظن ألا بديل لحياتي الفوضوية المكتظة بالمسؤوليات المتراكمة. إلى أن وجدتُ الحل أخيراً.

كنتُ أقرأ مقالاً عن ضرورة الحد من استخدام أطفالنا للتكنولوجيا، وضرورة جعلهم ينخرطون في أعمال رتيبة مملة كي يتعلموا الصبر ويتمكنوا من النجاح في حياتهم. تلا ذلك نصيحة من أخصائية في مجال العلاج اللغوي، طلبت مني عبرها أن أشرك ابنتي في الأعمال اليومية كي تتمكن من التصرف باستقلالية شيئاً فشيئاً.

AdobeStock License
رتبتُ أفكاري وقررتُ حينها تغيير نمط حياتي وحياة أطفالي كلياً.

وكان مفعول النتيجة كالسحر. تسلية ومتعة طيلة الوقت، تواصل مستمر، لا مزيد من الصراخ ولا مزيد من الشعور بالذنب. وما الداعي لذلك ما دمنا أصبحنا نشكل فريقاً متكاملاً؟

بدأتُ يومي بترتيب غرفتي، طلبتُ من صغيرتي توضيب الوسائد، ومن الأخرى مساعدتي في ترتيب السرير، أما الثالثة الصغيرة التي تبلغ من العمر سنتين ونصف فكانت تتبعنا وتقلدنا بشكل تلقائي. حان موعد الإفطار، حضرنا كل شي معاً، رتبنا المائدة معاً، وجلسنا لتناول الطعام. ثم نظفنا الطاولة وأعاد كل منا الأطباق إلى حوض غسيل الأطباق. ذهبت ابنتاي الصغيرتين للعب، فقمنا وابنتي الكبرى بغسل الأطباق معاً، كنتُ أمسك بيدها وأعلمها طيلة الوقت وأتأكد من أنها تنظف كل شيء جيداً، وكانت تستمتع بذلك بشكل لا يوصف. كَم يحب أطفالنا المشاركة في أعمال الكبار، ويشعرون بأنهم تولوا دفة القيادة ويكتسبون ثقة كبيرة بالنفس!

حان وقت اللعب. جلست على الحاسوب أنجز بعض الأعمال. في هذا الوقت كانوا أمام عيني، يتشاجرون ويتصالحون ويلعبون ويضحكون وينشرون الفوضى في الغرفة. أعلنت انتهاء وقت اللعب. وأخبرتهم أننا سنبدأ بسباق التوضيب، أعطيت كل واحدة منهن سلة، وبدأن بالركض وتجميع الأغراض، تخلل تلك اللعبة فكرة جعلتهم يستمتعون بالتوضيب أكثر، كنتُ أسألهم عن الأغراض “أين النجمة، أين الطابة الصفراء، أين الدب الأحمر؟” وكانوا يركضون لتناول كل غرض ووضعه في سلتهم الخاصة كي يجمعوا أكبر قدر من الأغراض. عادت الغرفة كما كانت دون أن أبذل أدنى مجهود ودون أن أرفع صوتي ولو للحظة. ناهيكم عن وضع الغسيل في الغسالة ولمّ الملابس وطيها ووضعها في الأدراج…

AdobeStock License
يؤدي إشراك الأطفال بالأعمال اليومية إلى نتائج مذهلة على مختلف الأصعدة:
  1. يشعر أطفالنا أنهم قادرون على تولي المسؤولية.. والنتيجة تزداد ثقتهم بنفسهم.
  2. رغم كل الضعوطات يبقى هناك سبيل للتواصل الدائم بيننا وبينهم.. والنتيجة لا مزيد من الشعور بالذنب.
  3. يتعلمون تولي المهام بطريقة ممتعة.. والنتيجة لا مزيد من الصراخ، بل مزيداً من اللعب والضحك والإفادة
  4. يبتعدون عن الوسائل التكنولوجية المدمرة التي تحمل مساوئ لا حصر لها أولها انعدام التواصل الاجتماعي وثانيها وليس آخرها تدني نسبة التركيز وزيادة القلق والتوتر وانخفاض ساعات النوم…
  5. تنجز الأم أعمالها دون أدنى تقصير، مستمتعة برفقة أطفالها ومساعدتهم في الوقت نفسه.
  6. يشعر الأطفال أنهم جزء من فريق مصغر اسمه العائلة.. وهذا أكثر ما نفتقده في أيامنا الحالية.

سماح خليفة

التعليقات مغلقة.